مقدمة:
إن النجاح الذي حققه الباحثون في مجال المادة غير الحية والدقة والموضوعية التي يحققونها في دراساتهم يرجع لـ حد كبير لـ استخدامهم للطرق التجريبية. وقد استقطاب هذا التطور الإبداعي الذي شهده العلم التجريبي اهتمام الباحثين في هذا المجال . (علم الأحياء) يطبقون هذا المنهج في أبحاثهم من أجل اللحاق بالعلم التجريبي والوصول لـ مستواهم وتحقيق نجاح مماثل لنجاحهم. إلا أن خصائص المادة الحية تختلف عن خصائص المادة الحية، الأمر الذي أثار جدلا وجدلا بين الفلاسفة والمفكرين، فمنهم من يرى أن “المادة الحية لها خصائص معقدة للغاية تعيق تطبيق الأساليب التجريبية عليها”، و بعض الناس يعتقدون. ويرون أن “خصائص المادة الحية لا تشكل عائقا أمام دراستها دراسة علمية تجريبية”. وبناء على هذا الاختلاف والجدل بينهما، فإن السؤال الذي يمكن طرحه هو: هل السيرش العلمي عن المادة الحية مستحيل؟ مستحيل؟ والدة أنه من الممكن التغلب على هذه العقبات وإجراء التجارب على الظواهر الحية؟
عرض منطق الأطروحة:
“لا يمكن تطبيق الأساليب التجريبية على المادة الحية.” ومن المستحيل إجراء بحث علمي على المادة الحية لأن المادة الحية المتمثلة في الإنسان والحيوان والنبات لها خصائص معقدة تختلف تماما عن المادة غير الحية. ويواجه العلماء في تطبيق الأساليب التجريبية عقبات متعددة بسبب طبيعة الموضوع وصعوبة تصنيف الأحداث وتعميم النتائج والتجارب، وقد اعتمد هذا الموقف مجموعة من الفلاسفة والمفكرين منهم كوفي. برر كانط دوروي وبعض أنصار الأخلاق موقفهم بالحجة القائلة بأن المادة الحية ليست مفتوحة للبحث العلمي التجريبي بسبب العقبات العديدة التي تمثلها طبيعة الموضوع. الكائنات الحية “الناس، الحيوانات، النباتات”. يتميز هذا الكائن الحي بالوحدة العضوية، حيث أن كل جزء من أجزائه يخضع لكافة أجزاء الكائن الحي، ويرتبط مع بعضها البعض، وتشكل كلا لا يتجزأ. يتغير في خصائص الكائن الحي نتيجة موته، على عكس المادة الصلبة التي لا تشكل أي وحدة متماسكة، إذ يمكن أن تنقسم لـ أجزاء متناهية دون أن تفقد خصائصها، وقال كوفي: إن أجزاء الجسم متصلة ببعضها البعض، ولا يمكنها أن تتحرك إلا إذا تحركت جميعها، وانفصال جزء من الكتلة يعني نقله لـ نظام الكيان الميت، أي تغيير طبيعته بالتفصيل. كما تقوم الكائنات الحية بالعديد من الأشياء التي نقوم بها في الجسم غير الحي، وهي وظائف مهمة لا توجد في عالم الكائنات الحية، وهي الولادة والنمو والشيخوخة والموت والحركة والتغير في الكائنات الحية. وتتميز بالثبات والسكون، مما يجعل من المستحيل التنبؤ بها، “الحياة هي مجموعة من الوظائف التي تقاوم الموت”، كما أن طبيعة الكائن الحي نفسها تجعل ذلك ممكنا. التجربة عليه صعبة لأن الجسم الحي يبني كلاً متماسكاً ومن الصعب عزل أحد أعضائه وإدخاله لـ المختبر لأن ذلك سيؤدي لـ تدميره “، محاولة بتر أي عضو في الجسم. هذا هو الموت علاوة على ذلك، فإن إحضار جسم حي لـ المختبر يؤدي لـ إصابته بالاضطراب، مما يخلق ارتباكًا في التجربة ويؤدي لـ نتائج ليست في حالتها الطبيعية خارج بيئتها الأصلية. ويقول دولويز عن ذلك: “إن العلماء الذين يقومون بتحليل المادة لا يستطيعون “تخليق الكائنات الحية بكل العناصر الفوضوية التي تفصلها المواد الكيميائية”. علاوة على ذلك، فإن الهدف من تطبيق الأساليب التجريبية هو تعميم النتائج المتحققة على مجال أوسع” يشمل كافة أعضاء نفس الشيء وهذا غير ممكن في المجال البيولوجي لأن كل كائن حي فريد من نوعه وله خصائصه الخاصة، وهذا صحيح بالنسبة لفئران المختبرات ولكن ليس بالنسبة للفئران المختلفة. بالإضافة لـ صعوبة تصنيف ظواهر المادة الحية، فإنه ليس من الهين أيضًا تصنيف ظواهر المادة غير الحية، حيث يسهل التمييز بين ما هو فيزيائي، وما هو كيميائي، وما هو كيميائي. وهذا رقم هاتف فلكي، لكن هذا مستحيل في الكائنات الحية، حيث يحتوي كل كائن حي على خصائص تميزه عن الكائنات المختلفة، وكل محاولة للتصنيف تقضي على فردية الكائن الحي. أظهرت تجارب عالم الأحياء أغاسيز على المحار البحري استحالة تصنيف الكائنات الحية، حيث أنه من مجموع 27000 نسخة من الصدفة الواحدة، لم يتم العثور على قذيفتين متطابقتين. وفي هذا الصدد تحدث لايبنتز: “الوجود. كما نجد أن بعض الأديان تحرم تشريح الجثث لأن الإنسان كيان مقدس وله كرامة لا يمكن العبث بها لأي سبب. فمثلا، قضية الاستنساخ أثارت معارضة شديدة من الأديان. نجد أن بعض التوجهات السياسية والأخلاقية حسنة النية تدعو لـ وقف التجارب على حيوانات موحدة، وتخلص لـ عدم إمكانية تطبيق الطريقة على الكائنات الحية.
النقد والمناقشة:
ونحن نقر بأن وجود هذه العوائق يمنع العلماء من التوصل لـ قوانين، وإلى حد ما يعيق تقدم هذا العلم، إلا أن العلماء لا يقفون مكتوفي الأيدي، بل على العكس من ذلك، يتحدون هذه العوائق ويقترحونها في التجارب بديل رائع يتوافق مع الواقع. وما نراه في عصرنا هذا هو أن علم الأحياء قد وصل لـ تقدم كبير نتيجة لتطور حياتنا، والمتمثل في ظهور آلات متقدمة للغاية تجعل البشرية ممكنة. تحقيق المستحيل، مثل زراعة الأعضاء.
إذاعة الأضداد:
“يمكن تطبيق الطرق التجريبية على المواد الحية.” إن السيرش العلمي في علم الأحياء ممكن لأن العلماء قادرون على التغلب على كافة العقبات واستخدام الطرق التجريبية في المواد الحية بنجاح، ويتحقق هذا النجاح عبر التقدم في مجال علم الأحياء واستمر بشكل متألق ومتميز. بديهي. وهذا الموقف في علم الأحياء تبناه كلود برنار وباستير، حيث بررا موقفهما بالحجج والأدلة التالية: المادة الحية والمادة الحية (مثل الجماد لا فرق بين المادة غير الحية في الجسم) لأنهما جميعا مكونان من نفس المكونات. العناصر الكيميائية مثل الأكسجين والكربون والهيدروجين والفوسفور والكالسيوم والأملاح المعدنية وغيرها من المواد الكيميائية نجدها في الكائنات الحية التي تم تحليلها. وفي هذا الصدد تحدث هايزنبرغ: “إن التفاعلات الموجودة في الطبيعة ما هي إلا هذه التفاعلات التي تحدث على مستوى الجسم”. (المسجلات، والليزر، وغيرها)، كما أن تطور الكيمياء الحيوية أتاح للعلماء إجراء مجموعة متعددة من التجارب، حيث أصبح من الممكن إجراء تجارب على أعضاء موحدة دون إلغاء وظائفها، وذلك عبر وضعها في بعض المحاليل الكيميائية والوسائط الاصطناعية المناسبة، فقد أمكن ملاحظة وفصل وظائف الجسم في الكائن الحي دون التأثير سلباً على الوحدة العضوية للكائن الحي. أما بالنسبة للحواجز الأخلاقية والاجتماعية، فقد أصبح فهم الناس أفضل، مما يثبت أن أحد الآثار الإيجابية للتطبيق الناجح للطرق التجريبية على الظواهر الحية هو التطور الهائل الذي تحقق في مختلف فروع علم الأحياء، مثل الطب، كما نشهد اليوم. بالأعضاء إن نجاح جراحة زرع الأعضاء وتركيب الأعضاء الاصطناعية ربما يكون أعظم نجاح حققه الإنسان في تجارب على الجسم الحي، تحدث البروفيسور كينيدي من مجموعة الهندسة الحيوية الأمريكية: “في عام 1984، أصبحت الجراحة لاستبدال الأنسجة والأعضاء التالفة أمرًا طبيعيًا والعمليات المشتركة.” بالإضافة لـ ذلك، يستطيع العلماء التوضيح عن سبب اسباب وأسرار الكثير من الأمراض، مثل السيطرة على مرض السكري، وضغط الدم، والسرطان. إن النجاحات التي حققها علماء الوراثة مكنت من تصحيح الكثير من الأخطاء الجينية والسيطرة على الكائنات الحية وبنيتها، ويعزى تطور علم الأحياء لـ كلود برنارد، الذي عمل بجد لجلب الحياة لـ علم الأحياء محمية دون خصوصية يمكن دراسة المادة الحية تجريبيا تحدث كلود برنارد: “يجب أن يعتمد علم الأحياء على أساليب العلوم الفيزيائية مع الاحتفاظ بشروط وقوانين الحياة. فقد أثبت أن المادة الحية تخضع لمبادئ الحتمية والتماثل وجميع الشروط والقوانين”. من المنهج التجريبي، وذلك عبر تجربته الشهيرة على الأرنب، حيث لاحظ تغيراً في بول الأرنب، ثم افترض سبب هذا التغيير ثم طبق عليه التجربة، على عدة حيوانات، بعد تكرار التجربة عدة مرات مرات على الحيوانات، توصل لـ قاعدة عامة: “إن كافة الحيوانات العاشبة تتأثر حتما بالتأثير التالي: إذا ماتت جوعا، فسوف تتغذى على البروتين المخزن في أجسامها، وفي ظواهر الأجسام الحية يمكننا أن نعرف ذلك تماما”. “إن ما نقوم به في ظاهرة الأجسام غير الحية هو الظروف التي تتحكم في الأجسام الحية.” كما صححت تجارب “باستور” وجهة النظر القائلة بالنشوء التلقائي للبكتيريا، وأثبتت ذلك، فأصلها في الهواء المملوء بالبكتيريا، وذلك بفضل الاثنين. أساليب الاستيعاب في الوجود والاستيعاب في الوجود. وفي غيابه، كان قادراً على محاربة الأغنام المصابة بالجمرة الخبيثة، ونشر المرض لـ مجموعة وإعطاء التطعيم المضاد لمجموعة أخرى، مما جعل البعض يقاوم المرض والبعض الآخر يموت.تحديث مفهوم التطعيم كوسيلة فعالة للوقاية من المرض وعلاجه
النقد والمناقشة:
صحيح أن علم الأحياء قد حقق تقدما هائلا حيث تغلب العلماء على الكثير من العقبات، ولكن من المبالغة الاعتقاد بأن الكائنات الحية هي آلات ميكانيكية أقرب لـ المادة غير الحية. قد تخضع الكائنات الحية لتغيرات يصعب تفسيرها ميكانيكيًا. واليوم، لا يزال العلماء يواجهون بعض الأسئلة الصعبة عند دراسة المادة الحية.
ثَبَّتَ:
من المقبول أن تكون هناك عوائق تمنع العلماء من فهم واستخلاص كافة القوانين العلمية في دراسة المادة الحية، لكن هذا لا يعني أن علم الأحياء ليس علماً، وذلك بفضل تطور العلم وتطور طرق المراقبة. ومن خلال التدريب، عززت تطور علم الأحياء وتغلبت على الصعوبات، مما جعل من الممكن تجربة أعضاء موحدة دون انتهاك وظائفها، مما أدى لـ زراعة الأعضاء. كما أدى التطور لـ ظهور التخصص، وظهور علم وظائف الأعضاء، والتشريح، وعلم الأمراض، وتطور علم الوراثة وعلم الأجنة، مع مراعاة خصائصه ومراعاة علاقة الوظائف الحية ببنيته الفيزيائية والكيميائية. إن واقعنا المعاصر يوضح أن علم الأحياء قادر على منافسة العلوم الفيزيائية من حيث الدقة والموضوعية. تحدث كلود برنارد: “يجب على علم الأحياء أن يستعير من الأساليب التجريبية للفيزياء والكيمياء، مع الاحتفاظ بأحداثه وقوانينه الخاصة”.
حل هذه المشكلة:
وبعد التحليل توصلنا لـ أن المنهج التجريبي أثبت أنه المعيار الأمثل لكل باحث يرغب أن يكون علما موضوعيا، وهو ما يمكن بعض العلوم، مثل المادة الحية، من استخدامها بطريقة تكيفية لتتكيف مع احتياجاتها. الموضوع أصبح بفضله علم الأحياء علماً حقق تقدماً كبيراً، ويستخدمه العلماء في حياتنا كل يوم حتى أصبحت الكثير من الأمراض المستعصية سابقاً قابلة للشفاء. لقد تغلب العلماء على سلسلة من المشاكل البسيطة وحققوا نتائج مذهلة في ظواهر الحياة، خاصة في مجال الاستنساخ وزرع الأعضاء ونقلها، تحدث كلود برنارد: “إن التجريب هو الوسيلة الوحيدة التي نملكها” لاستكشاف طبيعة الأشياء خارج أنفسنا. “