منوعات

حكم الكشف وتصحيح الحديث في الرؤيا والجرح للرواة ورؤية السيوطي للنبي صلى الله عليه وسلم في اليقظة واجتماع روح الغزالي وموسى صلى الله عليه وسلم

المحتويات إخفاء
حكم الكشف وتصحيح الحديث في الرؤيا والجرح للرواة ورؤية السيوطي للنبي صلى الله عليه وسلم في اليقظة واجتماع روح الغزالي وموسى صلى الله عليه وسلم
الجواب عن مسائل الكشف: لم يقل أحد من أئمة المسلمين أنَّ الكشف من الدلائل الشرعية، أو من مآخذ الأحكام الدينية، ولا يقبل أحد من المتكلمين، ولا من المحدثين، ولا من الفقهاء، الاحتجاج بحديث لم تصح روايته بالطرق المعروفة في علم الحديث، ممن يدعي أنه صح من طريق الكشف، فهذا الكشف الذي يتحدث به الصوفية شيء لا يثبت به حكم شرعي، ولا دليل حكم شرعي كالحديث، ولو جعلنا الكشف حجة شرعية، لما كانت دلائل الشرع محصورة فيما جاء بها الرسول صلى الله عليه وسلم عن ربه، وتلقاه عنه أصحابه الذين هم خير هذه الأمة، وهم لم يقولوا بهذا الكشف، ولم يحتجوا به. نعم إنه نقل عن بعضهم شيء من النطق بالإلهام الصادق، كإخبار الصِدِّيق عما في بطن امرأته من الولد، ومعرفة عثمان ما كان من ذلك الرجل الذي نظر إلى المرأة بشهوة، ولكنهم لم يسموا هذه الإلهامات النادرة كشفًا، ولا عدّوها طريقًا لمعرفة الأحكام الشرعية، وقد سمى عثمان ما اتفق له مع الرجل فراسة. ولكن بعض العلماء أطلق على ما كان منهم لفظ الكشف، وكانت تعرض لهم المشكلات الشرعية في الأحكام، فيتذاكرون ويتشاورون فيها، ولا يعتمدون في تقريرها على شيء بعد الكتاب والسنة إلا على الرأي في استبانة المصلحة وتحري العدل. ولم يدع أحد منهم بعد موت النبي صلى الله عليه وسلم أنه رآه بالكشف أو في النوم، فأخبره بأن الحق كذا أو الحكم كذا. وإذا قلنا بأن من خواص نفوس البشر أن تدرك بعض الأمور من غير طريق الحس والعقل نادرًا، وأن بعض الناس قد يكون استعداده لذلك قويًّا، وأن من كان استعداده له ضعيفًا، تيسر له تقويته بضروب من الرياضة، كما ينقل نَقْلًا مستفيضًا عن البراهمة والصوفية -فإن هذا كله لا علاقة له بالدين، وإنما هو من قبيل سائر خواص المخلوقات التي منها ما هو طريق للعلم، كالخواص التي بني عليها صنع الآلات التي يعرف بها ما سيحدث من الأنواء والزلازل قبل حدوثه. ولا شيء من ذلك يعد من الدين، ولم يصل الكشف إلى أن يكون طريقًا منضبطًا للعلم بحيث يعرف كل من كان من أهله، ما يعرفه الآخرون، إذا هو طلب معرفته بأن تتفق معارفهم من غير أن يأخذ بعضهم عن بعض. ثم إن الصوفية الذين يعدون الكشف من ثمرات طريقتهم، لا يقول أهل الصدق والعرفان منهم إن الكشف دليل شرعي، بل يعدون من شروط الاعتداد بصحته موافقته للشرع.
وحكى ابن العربي عن قاضي القضاة الشاشي المالكي ببغداد أنه كان يحكم بالفراسة في الأحكام جريًا على طريقة إياس ابن معاوية أيام كان قاضيًا، قال: ولشيخنا فخر الإسلام أبي بكر الشاشي جزء في الرد عليه، هذا ما قال وهو حقيق بالرد إن كان يحكم بالفراسة مطلقًا من غير حجة سواها. «فإن قيل هذا مشكل من وجهين: أحدهما أنه خلاف ما نقل عن أرباب المكاشفات والكرامات، فقد امتنع أقوام عن تناول أشياء، كان جائزًا لهم في الظاهر تناولها اعتمادًا على كشف أو إخبار غير معهود، ألا ترى إلى ما جاء عن الشبلي حين اعتقد أن لا يأكل إلا من الحلال، فرأى بالبادية شجرة تين فَهَمَّ أن يأكل منها، فنادته الشجرة: لا تأكل مني فإني ليهودي، وعن عباس بن المهتدي أنه تزوج امرأة قليلة الدخول، وقع عليه ندامة، فلما أراد الدنو منها زجر عنها فامتنع وخرج، فبعد ثلاثة أيام ظهر لها زوج، وكذلك من كان له علامة عادية أو غير عادية يعلم بها، هل هذا المتناول حلال أم لا؟ كالحارث المحاسبي حيث كان له عرق في بعض أصابعه، إذا مد يده إلى ما فيه شبهة تحرك، فيمتنع منه، وأصل ذلك حديث أبي هريرة رضي الله عنه، وغيره في قصة الشاة المسمومة، وفيه فأكل رسول الله صلى الله عليه وسلم وأكل القوم، وقال: «ارْفَعُوا أَيْدِيَكُمْ فَإِنَّهَا أَخْبَرَتْنِي أَنَّهَا مَسْمُومَةٌ»، ومات بشر بن البراء الحديث.
«والثاني – على فرض أنه لا قياس وهو خلاف مقتضى القاعدة الأولى، إذ الجاري عليها العمل في القياس، ولكن إن قدرنا عدمه فنقول: إن هذه الحكايات عن الأولياء مستندة إلى نص شرعي، وهو طلب اجتناب حزاز القلوب الذي هو الإثم، وحزاز القلوب يكون بأمور لا تنحصر، فيدخل فيها هذا النمط، وقد قال عليه السلام: «الْبِرُّ مَا اطْمَأَنَّتْ إِلَيْهِ النَّفْسُ، وَالْإِثْمُ مَا حَاكَ فِي صَدْرِكَ» فإذا لم يخرج هذا عن كونه مستندًا إلى نصوص شرعية عند من فسر حزاز القلوب بالمعنى الأعم الذي لا ينضبط إلى أمر معلوم، ولكن ليس في اعتبار مثل هذه الأمور ما يخل بقاعدة شرعية، وكلامنا إنما هو في مثل مسألة ابن رشد وأشباهها، وقتل الخضر الغلام على هذا لا يمكن القول بمثله في شريعتنا البتة، فهو حكم منسوخ، ووجه ما تقرر أنه إن كان، ثم من الحكايات ما يشعر بمقتضى السؤال، فعمدة الشريعة تدل على خلافه، فإن أصل الحكم بالظاهر مقطوع به في الأحكام خصوصًا، وبالنسبة إلى الاعتقاد في الغير عمومًا أيضًا، فإن سيد البشر صلى الله عليه وسلم مع إعلامه بالوحي، يجري الأمور على ظواهرها في المنافقين وغيرهم، وإن علم بواطن أحوالهم، ولم يكن ذلك بمخرجه عن جريان الظواهر على ما جرت عليه.
«ولا يقال إنما كان ذلك من قبيل ما قال خوفًا أن يقول الناس إن محمدًا يقتل أصحابه، فالعلة أمر آخر لا ما زعمت، فإذا عدم ما علل به، فلا حرج لأنا نقول هذا من أدل الدليل على ما تقرر لأن فتح هذا الباب يؤدي إلى أن لا يحفظ ترتيب الظواهر، فإن من وجب عليه القتل بسبب ظاهر، فالعذر فيه ظاهر واضح، ومن طلب قتله بغير سبب ظاهر، بل بمجرد أمر غيبي ربما شوش الخواطر وران على الظواهر، وقد فهم من الشرع سد هذا الباب جملةً، ألا ترى إلى باب الدعاوى المستند إلى «أن البيِّنة على المدعي واليمين على من أنكر» ولم يستثن من ذلك أحد، حتى إنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم احتاج إلى البينة في بعض ما أنكر فيه، مما كان اشتراه فقال: «مَنْ يَشْهَدُ لِي» حتى شهد له خزيمة بن ثابت، فجعلها الله شهادتين فما ظنك بآحاد الأمة؟ فلو ادعى أكبر الناس على أصلح الناس لكانت البينة على المدعي واليمين على من أنكر، وهذا من ذلك والنمط واحد فالاعتبارات الغيبية مهملة بحسب الأوامر والنواهي الشرعية، ومن هنا لم يعبأ الناس من الأولياء وغيرهم بكل كشف أو خطاب خالف المشروع، بل عدوا أنه من الشيطان، وإذا ثبت هذا فقضايا الأحوال المنقولة عن الأولياء محتملة، وما ذكر من تكليم الشجرة فليس بمانع شرعي، بحيث يكون تناول التين منها حرامًا على المتكلم، كما لو وجد في الفلاة صيدًا فقال له: إني مملوك وما أشبه ذلك، لكنه تركه لغناه عنه لغيره من يقين الله أو ظن طعام بموضع آخر أو غير ذلك، وكذلك سائر ما في هذا الباب.
فكذلك نقول في الماء الذي كوشف إنه نجس أو مغصوب، وإذا كان له مندوحة عنها بحيث لا ينخرم له أصل شرعي في الظاهر، بل يصير منتقلًا من جائز إلى مثله فلا حرج عليه، مع أنه لو فرضنا مخالفته لمقتضى ذلك الكشف إعمالًا للظاهر واعتمادًا على الشرع في معاملته به فلا حرج عليه ولا لوم، إذ ليس القصد بالكرامات والخوارق أن تخرق أمرًا شرعيًّا، ولا أن تعود على شيء منه بالنقض، كيف وهي نتائج عن اتباعه، فمحال أن ينتج المشروع ما ليس بمشروع أو يعود الفرع على أصله بالنقض، هذا لا يكون البتة، وتأمل ما جاء في شأن المتلاعنين، إذ قال عليه السلام: «إِنْ جَاءَتْ بِهِ عَلَى صِفَةِ كَذَا فَهُوَ لِفُلَانٍ، وَإِنْ جَاءَتْ بِهِ عَلَى صِفَةِ كَذَا فَهُوَ لِفُلَانٍ»، فجاءت به على إحدى الصفتين وهي المقتضية للمكروه، ومع ذلك فلم يقم الحد عليها، وقد جاء في الحديث نفسه: «لَوْلَا الْأَيْمَانُ لخولها شَأْنٌ» فدل على أن الأيمان هي المانعة، وامتناعه مما هم به يدل على أن ما تفرس به لا حكم له حين شرعية الأيمان، ولو ثبت بالبينة أو بالإقرار بعد الأيمان ما قال الزوج لم تكن الأيمان دارئة للحد عنها.

حكم الكشف وتصحيح الحديث في الرؤيا والجرح للرواة ورؤية السيوطي للنبي صلى الله عليه وسلم في اليقظة واجتماع روح الغزالي وموسى صلى الله عليه وسلم أهلا بكم، نوفر لكم حكم الكشف وتصحيح الحديث في الرؤيا والجرح للرواة ورؤية السيوطي للنبي صلى الله عليه وسلم في اليقظة واجتماع روح الغزالي وموسى صلى الله عليه وسلم كما عودناكم دوما على احسن الاجابات والحلول والأخبار الرائعة في موقعنا ، يشرفنا ان نستعرض لكم حكم الكشف وتصحيح الحديث في الرؤيا والجرح للرواة ورؤية السيوطي للنبي صلى الله عليه وسلم في اليقظة واجتماع روح الغزالي وموسى صلى الله عليه وسلم


حكم الكشف وتصحيح الحديث في الرؤيا والجرح للرواة ورؤية السيوطي للنبي صلى الله عليه وسلم في اليقظة واجتماع روح الغزالي وموسى صلى الله عليه وسلم

  • الجواب عن مسائل الكشف: لم يقل أحد من أئمة المسلمين أنَّ الكشف من الدلائل الشرعية، أو من مآخذ الأحكام الدينية، ولا يقبل أحد من المتكلمين، ولا من المحدثين، ولا من الفقهاء، الاحتجاج بحديث لم تصح روايته بالطرق المعروفة في علم الحديث، ممن يدعي أنه صح من طريق الكشف، فهذا الكشف الذي يتحدث به الصوفية شيء لا يثبت به حكم شرعي، ولا دليل حكم شرعي كالحديث، ولو جعلنا الكشف حجة شرعية، لما كانت دلائل الشرع محصورة فيما جاء بها الرسول صلى الله عليه وسلم عن ربه، وتلقاه عنه أصحابه الذين هم خير هذه الأمة، وهم لم يقولوا بهذا الكشف، ولم يحتجوا به. نعم إنه نقل عن بعضهم شيء من النطق بالإلهام الصادق، كإخبار الصِدِّيق عما في بطن امرأته من الولد، ومعرفة عثمان ما كان من ذلك الرجل الذي نظر إلى المرأة بشهوة، ولكنهم لم يسموا هذه الإلهامات النادرة كشفًا، ولا عدّوها طريقًا لمعرفة الأحكام الشرعية، وقد سمى عثمان ما اتفق له مع الرجل فراسة. ولكن بعض العلماء أطلق على ما كان منهم لفظ الكشف، وكانت تعرض لهم المشكلات الشرعية في الأحكام، فيتذاكرون ويتشاورون فيها، ولا يعتمدون في تقريرها على شيء بعد الكتاب والسنة إلا على الرأي في استبانة المصلحة وتحري العدل. ولم يدع أحد منهم بعد موت النبي صلى الله عليه وسلم أنه رآه بالكشف أو في النوم، فأخبره بأن الحق كذا أو الحكم كذا. وإذا قلنا بأن من خواص نفوس البشر أن تدرك بعض الأمور من غير طريق الحس والعقل نادرًا، وأن بعض الناس قد يكون استعداده لذلك قويًّا، وأن من كان استعداده له ضعيفًا، تيسر له تقويته بضروب من الرياضة، كما ينقل نَقْلًا مستفيضًا عن البراهمة والصوفية -فإن هذا كله لا علاقة له بالدين، وإنما هو من قبيل سائر خواص المخلوقات التي منها ما هو طريق للعلم، كالخواص التي بني عليها صنع الآلات التي يعرف بها ما سيحدث من الأنواء والزلازل قبل حدوثه. ولا شيء من ذلك يعد من الدين، ولم يصل الكشف إلى أن يكون طريقًا منضبطًا للعلم بحيث يعرف كل من كان من أهله، ما يعرفه الآخرون، إذا هو طلب معرفته بأن تتفق معارفهم من غير أن يأخذ بعضهم عن بعض. ثم إن الصوفية الذين يعدون الكشف من ثمرات طريقتهم، لا يقول أهل الصدق والعرفان منهم إن الكشف دليل شرعي، بل يعدون من شروط الاعتداد بصحته موافقته للشرع. 

  • واشترط للعمل بذلك ما بينه في المسألة الحادية عشرة من النوع الرابع من المقاصد قال: «إن هذه الأمور لا يصح أن تراعى وتعتبر، إلا بشرط أن لا تخرم حكمًا شرعيًّا ولا قاعدة دينية، فإن ما يخرم قاعدة شرعية أو حكمًا شرعيًّا ليس بحق في نفسه، بل هو إما خيال أو وهم، وإما إلقاء من الشيطان وقد يخالطه ما هو حق وقد لا يخالطه، وكل ذلك لا يصح اعتباره من جهة معارضته لما هو ثابت مشروع، وذلك أن التشريع الذي أتى به رسول الله صلى الله عليه وسلم عام لا خاص، كما تقدم في المسألة قبل هذا، وأصله لا ينخرم، ولا ينكسر له اطراد، ولا يحاشى من الدخول تحت حكمه مكلف. وإذا كان كذلك فكل ما جاء من هذا القبيل الذي نحن بصدده، مضادًّا لما تمهد في الشريعة فهو فاسد باطل.

  • ومن أمثلة ذلك مسألة سئل عنها ابن رشد في حاكم شهد عنده عدلان مشهوران بالعدالة في أمر، فرأى الحاكم في منامه أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال له: لا تحكم بهذه الشهادة فإنها باطل. فمثل هذا من الرؤيا لا يعتبر بها في أمر ولا نهي، ولا بشارة ولا نذارة لأنها تخرم قاعدة من قواعد الشريعة، وكذلك سائر ما يأتي من هذا النوع.

  • وما روي أن أبا بكر رضي الله عنه أنفذ وصية رجل بعد موته برؤيا رؤيت، فهي قضية عين لا تقدح في القواعد الكلية لاحتمالها، فلعل الورثة رضوا بذلك، فلا يلزم منها خرم أصل. وعلى هذا لو حصلت له مكاشفة بأن هذا المعين مغصوب أو نجس، أو أن هذا الشاهد كاذب، أو أن المال لزيد، وقد تحصل بالحجة لعمرو، أَوْ مَا أشبه ذلك، فلا يصح له العمل على وفق ذلك ما لم يتعين سبب ظاهر، فلا يجوز له الانتقال إلى التيمم، ولا ترك قبول الشاهد، ولا الشهادة بالمال لزيد على حال، فإن الظواهر قد تعين فيها بحكم الشريعة أمر آخر، فلا يتركها اعتمادًا على مجرد المكاشفة أو الفراسة، كما لا يعتمد فيها على الرؤيا النومية، ولو جاز ذلك لجاز نقض الأحكام بها، وإن ترتبت في الظاهر موجباتها، وهذا غير صحيح بحال، فكذا ما نحن فيه.

  • وقد جاء في الصحيح: «إِنَّكُمْ تَخْتَصِمُونَ إِلَيَّ وَلَعَلَّ بَعْضَكُمْ أَنْ يَكُونَ أَلْحَنَ بِحُجَّتِهِ مِنْ بَعْضٍ، فَأَحكم لَهُ عَلَى نَحْوٍ ما أَسْمَعُه منه» الحديث. 

  • وحكى ابن العربي عن قاضي القضاة الشاشي المالكي ببغداد أنه كان يحكم بالفراسة في الأحكام جريًا على طريقة إياس ابن معاوية أيام كان قاضيًا، قال: ولشيخنا فخر الإسلام أبي بكر الشاشي جزء في الرد عليه، هذا ما قال وهو حقيق بالرد إن كان يحكم بالفراسة مطلقًا من غير حجة سواها. «فإن قيل هذا مشكل من وجهين: أحدهما أنه خلاف ما نقل عن أرباب المكاشفات والكرامات، فقد امتنع أقوام عن تناول أشياء، كان جائزًا لهم في الظاهر تناولها اعتمادًا على كشف أو إخبار غير معهود، ألا ترى إلى ما جاء عن الشبلي حين اعتقد أن لا يأكل إلا من الحلال، فرأى بالبادية شجرة تين فَهَمَّ أن يأكل منها، فنادته الشجرة: لا تأكل مني فإني ليهودي، وعن عباس بن المهتدي أنه تزوج امرأة قليلة الدخول، وقع عليه ندامة، فلما أراد الدنو منها زجر عنها فامتنع وخرج، فبعد ثلاثة أيام ظهر لها زوج، وكذلك من كان له علامة عادية أو غير عادية يعلم بها، هل هذا المتناول حلال أم لا؟ كالحارث المحاسبي حيث كان له عرق في بعض أصابعه، إذا مد يده إلى ما فيه شبهة تحرك، فيمتنع منه، وأصل ذلك حديث أبي هريرة رضي الله عنه، وغيره في قصة الشاة المسمومة، وفيه فأكل رسول الله صلى الله عليه وسلم وأكل القوم، وقال: «ارْفَعُوا أَيْدِيَكُمْ فَإِنَّهَا أَخْبَرَتْنِي أَنَّهَا مَسْمُومَةٌ»، ومات بشر بن البراء الحديث.

  • فبنى رسول الله صلى الله عليه وسلم على ذلك القول، وانتهى هو، ونهى أصحابه عن الأكل بعد الإخبار، وهذا أيضًا موافق لشرع من قبلنا، وهو شرع لنا، إلا أن يرد ناسخ وذلك في قصة بني إسرائيل، إذ أمروا بذبحها وضرب القتيل ببعضها فأحياه الله وأخبر بقاتله، فرتب عليه الحكم بالقصاص. وفي قصة الخضر في خرق السفينة وقتل الغلام، وهو ظاهر في هذا المعنى إلى غير ذلك، مما يؤثر في معجزات الأنبياء عليهم السلام، وكرامات الأولياء رضي الله عنهم.

  • «والثاني أنه إذا ثبت أن خوارق العادات بالنسبة إلى الأنبياء والأولياء، كالعادات بالنسبة إلينا، فكما لو دلنا أمر عادي إلى نجاسة الماء أو غصبه لوجب علينا الاجتناب، فكذلك هاهنا إذ لا فرق بين أخبار من عالم الغيب أو من عالم الشهادة، كما أنه لا فرق بين رؤية البصر لوقوع النجاسة في الماء ورؤيتها بعين الكشف الغيبي، فلا بد أن يبنى الحكم على هذا كما يبنى على ذلك، ومن فرّق بينهما فقد أبعد.  «فالجواب أن لا نزاع بيننا في أنه قد يكون العمل على وفق ما ذكر صوابًا وعملًا بما هو مشروع على الجملة، وذلك من وجهين:

  • «أحدهما – الاعتبار بما كان من النبي صلى الله عليه وسلم فيه، فيلحق به في القياس ما كان في معناه، إذ لم يثبت أن مثل هذا من الخوارق، مختص بالنبي صلى الله عليه وسلم حيث كان من الأمور الخارقة بدليل الواقع، وإنما يختص به من حيث كان معجزًا، وتكون قصة الخضر على هذا مما نسخ في شريعتنا، على أن خرق السفينة قد عمل بمقتضاه بعض العلماء بناءً على ما ثبت عنده من العادات، أما قتل الغلام فلا يمكن القول به، وكذلك قصة البقرة منسوخة على أحد التأويلين، ومحكمة على التأويل الآخر على وفق القول المذهبي في قول المقتول: دمي عند فلان.

  • «والثاني – على فرض أنه لا قياس وهو خلاف مقتضى القاعدة الأولى، إذ الجاري عليها العمل في القياس، ولكن إن قدرنا عدمه فنقول: إن هذه الحكايات عن الأولياء مستندة إلى نص شرعي، وهو طلب اجتناب حزاز القلوب الذي هو الإثم، وحزاز القلوب يكون بأمور لا تنحصر، فيدخل فيها هذا النمط، وقد قال عليه السلام: «الْبِرُّ مَا اطْمَأَنَّتْ إِلَيْهِ النَّفْسُ، وَالْإِثْمُ مَا حَاكَ فِي صَدْرِكَ» فإذا لم يخرج هذا عن كونه مستندًا إلى نصوص شرعية عند من فسر حزاز القلوب بالمعنى الأعم الذي لا ينضبط إلى أمر معلوم، ولكن ليس في اعتبار مثل هذه الأمور ما يخل بقاعدة شرعية، وكلامنا إنما هو في مثل مسألة ابن رشد وأشباهها، وقتل الخضر الغلام على هذا لا يمكن القول بمثله في شريعتنا البتة، فهو حكم منسوخ، ووجه ما تقرر أنه إن كان، ثم من الحكايات ما يشعر بمقتضى السؤال، فعمدة الشريعة تدل على خلافه، فإن أصل الحكم بالظاهر مقطوع به في الأحكام خصوصًا، وبالنسبة إلى الاعتقاد في الغير عمومًا أيضًا، فإن سيد البشر صلى الله عليه وسلم مع إعلامه بالوحي، يجري الأمور على ظواهرها في المنافقين وغيرهم، وإن علم بواطن أحوالهم، ولم يكن ذلك بمخرجه عن جريان الظواهر على ما جرت عليه.

  • «ولا يقال إنما كان ذلك من قبيل ما قال خوفًا أن يقول الناس إن محمدًا يقتل أصحابه، فالعلة أمر آخر لا ما زعمت، فإذا عدم ما علل به، فلا حرج لأنا نقول هذا من أدل الدليل على ما تقرر لأن فتح هذا الباب يؤدي إلى أن لا يحفظ ترتيب الظواهر، فإن من وجب عليه القتل بسبب ظاهر، فالعذر فيه ظاهر واضح، ومن طلب قتله بغير سبب ظاهر، بل بمجرد أمر غيبي ربما شوش الخواطر وران على الظواهر، وقد فهم من الشرع سد هذا الباب جملةً، ألا ترى إلى باب الدعاوى المستند إلى «أن البيِّنة على المدعي واليمين على من أنكر» ولم يستثن من ذلك أحد، حتى إنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم احتاج إلى البينة في بعض ما أنكر فيه، مما كان اشتراه فقال: «مَنْ يَشْهَدُ لِي» حتى شهد له خزيمة بن ثابت، فجعلها الله شهادتين فما ظنك بآحاد الأمة؟ فلو ادعى أكبر الناس على أصلح الناس لكانت البينة على المدعي واليمين على من أنكر، وهذا من ذلك والنمط واحد فالاعتبارات الغيبية مهملة بحسب الأوامر والنواهي الشرعية، ومن هنا لم يعبأ الناس من الأولياء وغيرهم بكل كشف أو خطاب خالف المشروع، بل عدوا أنه من الشيطان، وإذا ثبت هذا فقضايا الأحوال المنقولة عن الأولياء محتملة، وما ذكر من تكليم الشجرة فليس بمانع شرعي، بحيث يكون تناول التين منها حرامًا على المتكلم، كما لو وجد في الفلاة صيدًا فقال له: إني مملوك وما أشبه ذلك، لكنه تركه لغناه عنه لغيره من يقين الله أو ظن طعام بموضع آخر أو غير ذلك، وكذلك سائر ما في هذا الباب.

  • أو نقول: كان المتناول مباحًا له فتركه لهذه العلامة، كما يترك الإنسان أحد الجائزين لمشورة أو رؤيا، وغير ذلك، حسبما يذكر بعد بحول الله تعالى.

  • فكذلك نقول في الماء الذي كوشف إنه نجس أو مغصوب، وإذا كان له مندوحة عنها بحيث لا ينخرم له أصل شرعي في الظاهر، بل يصير منتقلًا من جائز إلى مثله فلا حرج عليه، مع أنه لو فرضنا مخالفته لمقتضى ذلك الكشف إعمالًا للظاهر واعتمادًا على الشرع في معاملته به فلا حرج عليه ولا لوم، إذ ليس القصد بالكرامات والخوارق أن تخرق أمرًا شرعيًّا، ولا أن تعود على شيء منه بالنقض، كيف وهي نتائج عن اتباعه، فمحال أن ينتج المشروع ما ليس بمشروع أو يعود الفرع على أصله بالنقض، هذا لا يكون البتة، وتأمل ما جاء في شأن المتلاعنين، إذ قال عليه السلام: «إِنْ جَاءَتْ بِهِ عَلَى صِفَةِ كَذَا فَهُوَ لِفُلَانٍ، وَإِنْ جَاءَتْ بِهِ عَلَى صِفَةِ كَذَا فَهُوَ لِفُلَانٍ»، فجاءت به على إحدى الصفتين وهي المقتضية للمكروه، ومع ذلك فلم يقم الحد عليها، وقد جاء في الحديث نفسه: «لَوْلَا الْأَيْمَانُ لخولها شَأْنٌ» فدل على أن الأيمان هي المانعة، وامتناعه مما هم به يدل على أن ما تفرس به لا حكم له حين شرعية الأيمان، ولو ثبت بالبينة أو بالإقرار بعد الأيمان ما قال الزوج لم تكن الأيمان دارئة للحد عنها.

  • والجواب عن السؤال الثاني: أنَّ الخوارق وإن صارت لهم كغيرها فليس ذلك بموجب لإعمالها على الإطلاق إذ لم يثبت ذلك شرعًا معمولًا به وأيضًا فإن الخوارق وإن جاءت تقتضي المخالفة فهي مدخولة، قد شابها ما ليس بحق كالرؤيا غير الموافقة، كمن يقال له: لا تفعل كذا وهو مأمور شرعًا بفعله، أو افعل كذا وهو منهي عنه، وكثيرًا ما يقع هذا لمن لم يبن أصل سلوكه على الصواب، أو من سلك وحده بدون شيخ، ومن طالع سير الأولياء وجدهم محافظين على ظواهر الشريعة غير ملتفتين فيها إلى هذه الأشياء.

  • «فإن قيل: هذا يقتضي أن لا يعمل عليها، وقد بنيت المسألة على أنها يعمل عليها، قيل: إن المنفي هنا أن يعمل عليها بخرم قاعدة شرعية، فأما العمل عليها مع الموافقة فليس بمنفي»[3]. أقول: فهي لا تقل عن الهوى الموافق للشرع.

اذا لم تجد اي اجابة كاملة حول حكم الكشف وتصحيح الحديث في الرؤيا والجرح للرواة ورؤية السيوطي للنبي صلى الله عليه وسلم في اليقظة واجتماع روح الغزالي وموسى صلى الله عليه وسلم فاننا ننصحك بإستخدام محرك البحث في موقعنا مصر النهاردة وبالتأكيد ستجد اجابة وافية ولا تنس ان تنظر ايضا للمواضيع الأخرى اسفل هذا الموضوع وستجد ما يفيدك

شاكرين لكم حسن زيارتكم في موقعكم الموقر مصر النهاردة

السابق
جواب لغز اعلام ودول من لغز رقم 43 من المجموعة الخامسة من لعبة كلمات متقاطعة
التالي
استخدام العمليات الرياضية في تقدير التغيرات السكانية والتنبؤ بها

اترك تعليقاً

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply.