ويوم عرفة ، هي خطبة يتم فيها بيان فضل أيام ذي الحجة ويوم عرفة، فأيام ذي الحجة العشر الأولى هي أيامٌ خصّها لله تعالى بالفضل العظيم على غيرها من الأيام، وجعلها موسماً للطاعات والتقرّب من الله تعالى، وأعظمها يوم عرفة ويوم النحر، وفي هذا المقال سيقوم بإدراج خطبة عن فضل ذي الحجة ويوم عرفة.
خطبة عن فضل عشر ذي الحجة ويوم عرفة
فيما يأتي سندرج خطبتبن الأولى عن أيام ذي الحجة وفضلها، والثانية عن فضل يوم عرفة من أيام ذي الحجة بشكل خاصّ:
خطبة عن فضل عشر ذي الحجة
إِنَّ الْحَمْدَ للهِ، نَحْمَدُهُ، وَنَسْتَعِيْنُهُ، وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا، وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا. مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلاَ مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلاَ هَادِيَ لَهُ، وأهد أن لا إله إلّا الله وأهد أن محمّداً عبده ورسوله، أيا والدةّة الحبيب الأعظم، أوصيكم ونفسي بتقوى الله تعالى، وأحثّكم على طاعته والمداومة على عبادته، وذكره وكره على نعمه وبعد:
أيُّها المسلمون، من فضل الله تعالي على عباده أن جعل لهم مواسم للطاعات تتضاعف فيها الحسنات، وترفع فيها الدرجات، ويغفر فيها كثير من المعاصي والسيئات، فالسعيد من اغتنم هذه الأوقات وتعرض لهذه النفحات، ومن هذه المواسم العشر الأولى من ذي الحجة، وإنّ إدراك هذه العشر نعمة عظيمة من نعم الله تعالى على عبده، لأنه يدرك موسماً من مواسم الطاعة التي تكون عوناً للمسلم بتوفيق الله على تحصيل الثواب واغتنام الأجر، فعل المسلم أن يستشعر هذه النعمة، ويستحضر عظم أجر العمل فيها، ويغتنم الأوقات، وأن يُظهر لهذه العشر مزية على غيرها، بمزيد الطاعة، وهذا شأن سلف هذه الأمة، إنّها لفرصةٌ عظيمة ٌللتّوبة، وأيّها العبد المطيع غنّها لفرصةٌ لتزيد حسناتك واعمالك الصّالحة، وإنّ في هذه الأيّوالدة يومٌ يعتق الله تعالى فيه الرّقاب، ويجيرها من نار جهنّم والعذاب، في أشدّ الأيّوالدة يوم الحساب، فاطلبوا رحمة الله في هذه الأيام يا عباد الله، واطلبوا العفو والمغفرة، فإنّها ليالٍ وأيّوالدةٌ تستجاب فيها الدّعوات، وتقبل فيها الطّاعات، وتضاعف بها الحسنات، وتكفر فيها السّيئات. فانظر أخي المسلم لـ كرم الله تعالى وفضله، والدة منّ علينا بالكثير من مواسم الطّاعات، وأبواب المغفرة المفتوحة أمامك أينما توجّهت، فلا تضع هذه الفرصة من يدك، واغتنم هذه الايّوالدة بما يكون لك ذخراً ونفعاً في آخرتك.
أحكي قولي هذا وأستغفر الله تعالى لي ولكم، وأسأله أن يجعلنا من المعتقين، وأن يتوفّانا مع الصّالحين، وأن يحشرنا مع الأنبياء والمرسلين، وأن يدخلنا جنّات عرضها السّموات والأرض يوم الدّين، والحمد لله ربّ العالمين.
اقرأ أيضًا:
خطبة عن فضل يوم عرفة
الحمد لله الملك الحق المبين؛ ذي القوة المتين، هدى العباد صراطه المستقيم، ودلهم على شرعه القويم، وهو الولي الحميد، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له؛ في هذه الأيام العظيمة يجتمع أهل الجزء على ذكره وشكره وحسن عبادته، ويعظمون حرماته وشعائره، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله؛ ضحى وشرع الأضحية لأمته، فهي من آكد سنته، فمن قدر عليها فلا يحرمن نفسه، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه وأتباعه لـ يوم الدين، والدةّا بعد:
أيّها المسلمون إنّ فضائل هذه الأيام كثيرة جدا، ولبعضها خصائص ليست لغيرها كيوم عرفة، ويوم النحر. وهذا حديث عن يوم عرفة، وما فيه من الفضائل؛ لنعلم قدره، ونعظم حرمته، ولا نهدر منه لحظة، فيوم عرفة هو يوم من أيام الأشهر المحرمة، وهو من أيام العشر المفضلة، وهو من الأيام البيانات المذكورة في قوله تعالى: “لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللهِ فِي أَيَّوالدةٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الأَنْعَوالدةِ “، كما أقسم الله تعالى به في كتابه الكريم مما يدل على فضله وعظمته، فقال تعالى: “وَشَاهِدٍ وَمَشْهُودٍ”، وقد تحدث أبو هُرَيْرَةَ رضي الله عنه فِي هَذِهِ الْآيَةِ: “الشَّاهِدُ: يَوْمَ الْجُمُعَةِ، وَالْمَشْهُودُ: يَوْمَ عَرَفَةَ، وَالْمَوْعُودُ: يَوْمَ الْقِيَوالدةَةِ”، ويوم عرفة هو يوم كمال الدين، وتمام النعمة؛ كما في حديث عُمَرَ بْنِ الخَطَّوالدِ رضي الله عنه أَنَّ رَجُلًا مِنَ اليَهُودِ قَالَ لَهُ: يَا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ، آيَةٌ فِي كِتَوالدِكُمْ تَقْرَءُونَهَا، لَوْ عَلَيْنَا مَعْشَرَ اليَهُودِ نَزَلَتْ، لاَتَّخَذْنَا ذَلِكَ اليَوْمَ عِيدًا. قَالَ: أَيُّ آيَةٍ؟ قَالَ: “اليَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا قَالَ عُمَرُ: «قَدْ عَرَفْنَا ذَلِكَ اليَوْمَ، وَالمَكَانَ الَّذِي نَزَلَتْ فِيهِ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهُوَ قَائِمٌ بِعَرَفَةَ يَوْمَ جُمُعَةٍ”، ويوم عرفة هو يوم عيد للمسلمين وهو يوم الحج الأعظم، فمن فاته الوقوف بعرفة فاته الحج معذورا كان والدة غير معذور، وهو يوم يباهي به الله تعالى أهل السما بأهل عرفات، كما أنّه يوم عتق من النيران، فظاهر الحديث أنه أكثر يوم في العام يعتق الله تعالى فيه خلقا من النار، والظاهر أن العتق من النار ليس خاصًا بأهل عرفة، وإنّما هو عام لهم ولغيرهم، وإن كان يرجى لأهل عرفة أكثر من غيرهم.
وعرفة أيّها المسلمون هو يوم ادعاء المستجاب، والظاهر أن فضل الدعاء ليس خاصا بالواقفين بعرفة فقط، وإن كان القبول منهم أرجى من غيرهم؛ لتلبسهم بالإحرام، ووجودهم في أطهر البقاع، وكذلك الدعاء بكلمة التوحيد الواردة في الحديث ليست خاصة بأهل عرفة، بل ينبغي أن يكثر من قولها أهل الأمصار في ذلك اليوم العظيم، وكأن الإكثار من الدعاء بكلمة التوحيد في يوم عرفة هو لتأكيد الوفاء بالميثاق الذي أخذه الله تعالى على البشر قبل وجودهم على الأرض، وهو يوم إصغار الشيطان ودحره؛ لما يرى من تنزل رحمات الله تعالى على عباده؛ وإذا كان أهل الجزء قد ظفروا بمساندة في عرفة ركن الحج الأعظم، فإن لأهل الأمصار صوم ذلك اليوم العظيم، وصومه يكفر سنتين كما تحدث النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: “صِيَوالدةُ يَوْمِ عَرَفَةَ، أَحْتَسِبُ عَلَى اللهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ، وَالسَّنَةَ الَّتِي بَعْدَهُ”.
نسأل الله تعالى أن يقبل منا ومن المسلمين، وأن يكتب لنا جميعا الرحمة والمغفرة والعتق من النار، إنه سميع مجيب، وأقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم.
اقرأ أيضًا:
خطبة جمعة عن عشر ذي الحجة مكتوبة
الحمد لله العليم الحكيم شرّع لعباده ما فيه سعادةٌ لهم في دينهم ودنياهم، وفوزٌ لهم في آخرتهم، نحمد الله على عظيم إحسانه وجزيل كرمه وتتابع نعمه وعطائه، ونشهد أن لا إله إلا الله وأنّ محمّداً رسول الله، يا أيّها الذين آمنوا اتّقوا الله حقّ تقاته ولا تموتنّ إلا وأنتم مسلمون، واتّقوا ربّكم الذي خلقكم من نفسٍ واحدة وخلق منها زوجها وبثّ منهما رجالاً كثيراً ونساءً واتّقوا الله الذي تَساءلون به والأرحام إنّ الله كان عليكم رقيباً، والدةّا بعد
فبعد أن ودّع المسلمون شهر رمضان وفرحوا بعيد الفطر، وصاموا ستّاً من شوّال، ودخلوا في الأشهر الحرم، وحلّ بهم أفض أيّوالدة الدّنيا بالإطلاق، وهي الأيام الأولى من ذي الحجّة أو العشر الأوائل كما تُسمّى، أيّها المسلمون، لقد تقرّر في الشّريعة الإسلاميّة أنّ الجهاد هو ذروة سنام الإسلام، وأنّه افضل عملٍ يتقرّب به عبدٌ مسلم لـ الله بعد الشّهادتين، لكن من فضل هذه الأيّوالدة العشر أن جعل الله فيها العمل الصّالح افضل من الجهاد في سبيل الله، وأيّوالدة العشر الأوائل خيرٌ من أيّوالدة العشر الأواخر من رمضان، وللأسف الشّديد فإنّ حال المسلمين اليوم أنّهم يجهلون فضل الأيّوالدة العشر من ذي الحجّة فلا يُسارعون فيها للخيرات.
فعلى المسلمين أن يععرفوا مكانتها ويدركوها ويتغلّوها بما هو خير، ولا يخرجوا منها إلّا وقد أدركوا منها خيراً عظيما، فالأعمال الصّالحة في العشر الأوائل غير محصورةٍ ولا مخصوصة بعبادةٍ معيّنة، فكلّ الطّاعات والقربات لـ الله مشروعة في هذه الأيّوالدة، فيستحبّ فيها الصلاة والصّيام والحجّ والعمرة والأضحية والذّكر وتلاوة القرآن والصّدقات، وعلى المسلمين أن يحرصوا على التّوبة فيه والرّجوع عن الذنوب والمعاصي، والانشغال بتلاوة القرآن وذكر الله وتحميده وتهليله، أيها الأخوة المسلمون إنّ أيّوالدة ذي الحجّة تقع في الشّهر الأخير من عامكم الهجريّ، العام الذي ستطوى صحائفه وتُغلق خزائنه وتنتهي أيّامه، فبماذا ستختمون عامكم، فالعبرة بالخواتيم، ومن حقّ هذه الأيّوالدة على كلّ مسلم أن يتفرّغ فيها للعبادة، ويسعى ليغفر الله خطيئته ويعتق رقبته من النّار ويرفع له درجاته، وفّقنا الله وإيّاكم وجميع المسلمين لما هو خير، وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين.
اقرأ أيضًا:
خطبة عن افضل الأعمال في عشر ذي الحجة
إنّ الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه، ونعوذ بالله من شرو أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضلّ له ومن يضلل فلن تجد له وليًّا مرشدًا، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك وأشهد أنّ محمد عبده ورسوله، صلّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلّم وبارك، وعلى من تبعهم بإحسان لـ يوم الديّن، والدةّا بعد:
عباد الله إحمدوا الله تعالى أنّ أمدّ بأعماركم حتى أدركتم هذه الأيام المباركة، والتي هي افضل الأيام في اهذه الحياة الدنيا، وهي أيام عشر ذي الحجة، وهي أيام فضّلها الله تعالى على سائر الأيام لشأنها العظيم، ورفع مكانتها، وأقسم الله تعالى بها في كتابه العزيز بقوله: “وَالْفَجْرِ * وَلَيَالٍ عَشْر”، والليالي العشر هي أيام ذي الحجة العشر كما تحدث ابن عبّاس رضي الله عنه وأرضاه، وتحدّث الرسول عليه الصلاة والسّلام كذلك عن فضل هذه الأيم وحثّ الأمر على الإكثار من الأعمال الصالحة في هذه العشر وقد صحّ عنه قوله: “مَا مِنْ أَيَّوالدةٍ الْعَمَلُ الصَّالِحُ فِيهَا أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنْ هَذِهِ الْأَيَّوالدةِ”، ويعني أيام العشر، “قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَلَا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ؟ قَالَ: «وَلَا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، إِلَّا رَجُلٌ خَرَجَ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ، فَلَمْ يَرْجِعْ مِنْ ذَلِكَ بِشَيْءٍ”، وممّا حثّ عليه وأمر به من الأعمال والتي تعدّ من افضل الأعمال التي يقوم بها المسلم في العشر الأوائل، الصّلاة على وقتها والتّبكير لها والإكثار من النّوافل فّإنّها من افضل القربات، وكذلك الصّيام في هذه الأيّوالدة، والصّيام من افضل الأعمال فقد اصطفاه الله لنفسه من بين العبادات، وكان النّبيّ -صلّى الله عليه وسلم- يصوم في هذه الأيّوالدة وخاصّةً في يوم عرفة، ويسنّ للمسلم أيضاً الإكثار من التّكبير والتّحميد والتّهليل والتّسبيح، وكلّ ما وفّق المسلم فيها إليه من الخير فهو خيرٌ له.
أسأل الله العظيم أن يجعلني وإيّاكم من الموفّقين لاستغلال العشر في كلّ عملٍ مبارك يقرّب من الله، والصّلاة والسّلام على رسول الله.
اقرأ أيضًا:
خطبة مختصرة عن فضل عشر ذي الحجة
الحمد لله ربّ العالمين، الذي وهب طريق السّعادة للمسلمين، ووعدهم بالأجر والثّواب في الدّنيا ويوم الدّين، ونشهد أن لا إله إلا الله الذي جعل للطاعات مواسم، وأنّ محمّداً عبده ورسوله خصّه بالحكمة وجوامع الكلم، أرسله رحمةً للعالمين، وحجّةً على النّاس اجمعين، والدةّا بعد:
من فضل الله على عباده أن جعل لهم مواسم طاعات، يضاعف لهم فيها الحسنات ويغفر لهم فيها السّيّئات، فالسّعيد من النّاس من اغتنم هذه الأوقات، فلقد جعل الله بكرمه وفضله لهذه الأمّة الكثير من الأعمال الصّالحة التي تبارك في أعمارها، فها نحن مقبلون على مواسم الخير والطّاعات، التي يُضاعف الله بها الأجور ويمحو السّيئات، إنّها العشر الأوائل من ذي الحجّة، فإدراكها نعمةٌ عظيمة يمنّ الله بها على عباده، لأن فيها ما يكون عوناً للمسلم على تحصيل أعظم الثّواب، فالله أقسم بها في كتابه فقال: “وَلَيَالٍ عَشْرٍ” وذلك يدلّ على عظمتها وأهميّتها، وكانت هذه الأيّوالدة من جملة الأربعين يوماً التي واعدها الله نبيّه موسى، وفيها يتمّ أحد أركان الإسلام الخمسة وهو ركن الحجّ، فمن حجّ فأتمّ الحج عاد كبوم ولدته والدةّه بلا حق، فالله يغفر له ما تقدّم من ذنبه، ويوم الحجّ الأكبر أحد أيّوالدة العشر من ذي الحجّة وهو يوم النّحر، وهو أحد أعظم الأيّوالدة وأفضلها مع يوم عرفة اليوم التّاسع من ذي الحجّة، الذي فيه تُعتق الرّقاب وتمحى الذّنوب والخطايا عن عباد الله.
أيّها المسلمون فلتحرصوا كلّ الحرص على اتّباع ما أمر الله به واجتناب ما نهى عنه، واتّباع سنّة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ففي ذلك الفوز العظيم والحمد لله ربّ العالمين.
اقرأ أيضًا:
خطبة عن ذي الحجة ويوم عرفة ملتقى الخطباء
سندرج فيما يأتي خطبة عن ذي الحجة ويوم عرفة من موقع ملتقى الخطباء:
الحمد لله ربِّ العالمين، الرحمن الرحيم، مالك يوم الدين، وصلى الله وسلم على عبد الله ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحْبه، ومَن تَبِعهم بإحسانٍ لـ يوم الدين والدةَّا بعدُ:
أيها الإخوة الكرام وفي جملة هذه الأيام العظيمة الفاضلة، يوم عظيم هو أفضلها وأشرفها وأجلُّها، بل إنه -كما تحدث بعض العلماء- أعظم أيام الدنيا كلها، وإذا كان العلماء حينما قارنوا في الفضيلة بين أيام عشر ذي الحجة والعشر الأواخر من رمضان، أيهما افضل؟ وصار بعض العلماء لـ القول: إن عشر ذي الحجة افضل أيضًا، حتى من العشر الأخيرة من رمضان، وتوسَّط بعضهم، فقالوا: إن ليالي عشر رمضان الأخيرة افضل بالنظر لـ أن فيها ليلة القدر، وأما نهار عشر ذي الحجة فهو افضل من نهار عشر الأخيرة من رمضان؛ لعموم ما جاء فيها من التفضيل؛ مثل هذا الحديث المتقدم: “ما من أيام العمل الصالح فيها أحبُّ لـ الله من هذه الأيام”؛ يعني: عشر ذي الحجة.
فهذه العشر -عشر ذي الحجة- فيها يوم عرفة الذي له فضله وله شرفه، والذي يجود الله فيه على عباده جودًا عظيمًا؛ حتى يُرى فيه عدوُّنا وعدوُّ أبينا آدمَ (إبليس)، يُرى أحقر ما يكون في يوم عرفة؛ بسبب ما يرى من تنزُّل الرحمات، وفيض المكرُمات من ربنا -جل وعلا-، وفضل يوم عرفة الذي يستقبله المسلمون بعد بضعة أيام، ليس خاصًّا بأهل الموقف في عرفة، بل إن فضله يشمل عباد الله في أرجاء الدنيا؛ ولذلك ينبغي للمسلم أن يتعرَّض فيه للمغفرة -مغفرة الله جل وعلا-، وأن يتلمَّس الأعمال التي تُهيئه لنَيْل هذا الثواب العظيم؛ فإن مَن طَمِعَ في العِتق من النار وفي مغفرة ذنوبه من العزيز الغفَّار، فينبغي أن يحافظ ويأتي بالأسباب التي تُهيئه لأن يُعتَقَ من النار، وأن تُغفَرَ له ذنوبه، ومن أعظم ذلك صيام يوم عرفة، وهذا لغير الحاج؛ فقد ثبت في صحيح مسلم عن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- أنه تحدث: “صيام يوم عرفة أحتسبُ على الله -جل وعلا- أن يُكفِّر السنة التي قبله والتي بعده”.
ومن سبب اسباب المغفرة والعتق من النار في يوم عرفة: حفظ الجوارح عن المحرَّمات في ذلك اليوم؛ فالمؤمن هو في يوم شريف وفي ضيافة ربه -جل وعلا-؛ فلا يَحسُن من الضيف أن يواجه مضيفه بما يكره، بل يحرص على أن يكون على أقل حال -في هذا اليوم الشريف- متباعدًا عن المحرمات؛ لعلها أن تكون فاتحة خير له في أن يبقى في الانكفاف عنها بقيَّة عُمره، وقد جاء في مسند الإمام أحمد أن النبي -صلى الله عليه وسلم- تحدث: “يوم عرفة هذا يوم مَن ملَك فيه سمعه وبصره ولسانه، غُفِر له”.
ولذلك كان بعض السلف فيما مضى إذا كان يوم عرفة، استقرُّوا في المساجد، وانقطعوا عن الدنيا، وعن عراكها وأهلها، وتفرَّغوا للذكر والصلاة، وتلاوة القرآن؛ فمن كان يومه كذلك فهو حَرِيٌّ بأن ينال هذه المغفرة من رب العزة والجلال، فتحقيق كلمة التوحيد يوجِب بفضل الله عتقَ الرقاب، وعتق الرقاب يوجب بفضل الله أيضًا العتق من النار؛ كما جاء في الصحيح عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أن مَن تحدث هذه الكلمة عشر مرات، كان كمن أعتق أربعة من ولدِ إسماعيل، فالمسلم إذا طرق باب الله -جل وعلا- بالدعاء؛ فإن الله -جل وعلا- حييٌّ كريم، يستحيي أن يرد يدي عبده إليه صفرًا، فما من داعٍ يدعو إلا حُقِّقَ رجاؤه؛ سواء كان معجلاً في الدنيا، أو مؤخرًا في الآخرة، أو كان يصرف عنه من السوء بقدر ما دعا؛ كما ثبت بذلك الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ومما ينبغي على المسلم أيضًا أن يُحاذر الذنوب والإصرار عليها؛ فإن الله لا يقبل من المعرضين، ولذا مدح الله الأوَّابين، فقال سبحانه: (وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ)[آلعمران:135].
فليس شيء أخطر على المسلم من أن يعاقر السيئات، وأن يَألفها ويحبها، ويُصِرَّ عليها؛ فإن الإصرار عليها يعني الاستخفاف بالرب الجليل، والله -جل وعلا- إذا أعرض عن عبد، ومكَّن له من شهواته المحرمة، دلَّ ذلك على خُسرانه العظيم؛ فإن العبد الكريم على الله يَمنعه الله من الذنوب والمعاصي، ولذلك لَمَّا هان أهلُ الذنوب والمعاصي على ربهم، لم يَحُلْ بينهم وبين خطاياهم، ولا يزال مَن كان كذلك على آثامه وخطاياه، حتى يُختَم له بها، فتكون خاتمة السوء -عياذًا بالله من ذلك- وهذا أمر مشاهد في القديم والحديث بالنسبة لمن يُصرون على الذنوب والمعاصي؛ ولذا ينبغي للمؤمن أن يُحاذر إِلْفَ المعاصي، وأن يَستنكر قلبه إذا كان مُتجِهًا إليها غير خائف، ولا مراقب لله -جل وعلا-؛ فمن انصرف عن الذنوب يسَّر الله له التوبة عنها، إذا تطلب ذلك وألَحَّ بالدعاء بين يدي ربه -جل وعلا-.
وبعد -أيها الإخوة الكرام-: فهذا الجزء العظيم، موسم تجارة مع الله، لا ينبغي بحال من الأحوال أن يكون منصرفًا ومنقضيًا دون أن تكون قد أخذت حظَّك منه؛ فإن الخسران العظيم أن يأتي مثل هذا الجزء الجليل، ثم لا يكون للمسلم فيه حظٌّ ولا نصيب؛ عياذًا بالله من كل ذلك.
ألا وصلُّوا وسلِّمُوا على خير خلق الله نبينا محمدٍ، فقد أمرنا ربُّنا بذلك، فقال: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا)[الأحزاب:56]، اللهم صلِّ على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، إنك حميد مجيد.
خطبة عن فضل يوم عرفة مكتوبة
الحمد لله على إحسانه، والشكر له على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيمًا لشأنه، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله الداعي لـ رضوانه، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه، وسلم تسليمًا كثيرًا، والدةّا بعد:
عباد الله، : في يوم عرفة أخذ الله عز وجل الميثاق من ذرية آدم على أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئا، فعَنِ والدْنِ عَبَّاسٍ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: “أَخَذَ اللَّهُ الْمِيثَاقَ مِنْ ظَهْرِ آدَمَ بِنَعْمَانَ يَعْنِي عَرَفَةَ فَأَخْرَجَ مِنْ صُلْبِهِ كُلَّ ذُرِّيَّةٍ ذَرَأَهَا فَنَثَرَهُمْ بَيْنَ يَدَيْهِ كَالذَّرِّ ثُمَّ كَلَّمَهُمْ قِبَلاً قَالَ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَوالدةَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ أَوْ تَقُولُوا إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِنْ بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ”، فيوم عرفة يوم نتذكر فيه الميثاق الذي أخذه الله علينا يوم أخرجنا من صلب أبينا آدم، وأشهدنا أن لا نشرك به شيئا، وفي يوم عرفة أكمل الله هذا التشريع، وأتم علينا النعمة، ورضي لنا الإسلام دينا، وإن يوم عرفة إخوتي يوم فخر للمسلمين، إذ لا يمكن للمسلمين في أي مكان أن يحتشدوا بهذا العدد في وقت واحد، ومن دول متفرقة، إلا في هذا المكان، وإن في هذا الاجتماع آية عظيمة على قدرة الله -سبحانه وتعالى-، إذ يسمع دعاء كل هؤلاء في وقت واحد على اختلاف ألوانهم ولغاتهم وأجناسهم، ويعطي كل واحد سؤله دون أن تختلط عليه المسائل والحاجات أو تخفى عليه الأصوات والكلمات، سبحانه هو السميع البصير، العلي الخبير، الذي يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور، اللهم وفقنا لهداك واجعل عملنا في رضاك. اللهم احفظ الحجاج في حلهم وترحالهم وردهم لـ أهلهم سالمين غانمين، اللهم اهدنا لأحسن الأخلاق لا يهدي لأحسنها إلا أنت، واصرف عنا سيئها لا يصرف عنا سيئها إلا أنت.
اللهم أحينا على افضل الأحوال التي ترضيك عنا، وأمتنا على افضل الأحوال التي ترضيك عنا، اللهم ارزقنا الثبات حتى الممات، اللهم احفظ علينا أمننا واستقرارنا، وأصلح ولاة أمرنا، وارزقهم بطانة صالحة ناصحة يا رب العالمين.
مقالات مقترحة
نرشح لكم أيضًا قراءة المقالات التالية:
وهكذا نكون قد أدرجنا خطبة عن فضل عشر ذي الحجة ويوم عرفة، نظراً لأهميّة العشر الأوائل من ذي الحجّة ويوم عرفة وفضلها وفضل العمل فيها، فقد ورد في المقال نماذج خطب عن عشر ذي الحجّة، فيها شرحٌ تفصيلي عن فضل هذه الأيام والأجر والثّواب الذي يناله المسلم بالعمل الصّالح فيها.
المراجع
- alukah.net , , 16/05/2023
- alukah.net , , 16/05/2023
- alukah.net , , 16/05/2023
- alukah.net , , 16/05/2023
- khutabaa.com , , 16/05/2023