شرح مختصر للأحاديث – الدرس : 046 – قال من تعار من الليل فقال لا إله إلا الله وحده لا شريك له……..
2001-05-19
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين.
أيها الأخوة الكرام: لا زلنا في إتحاف المسلم بما في الترغيب والترهيب من صحيح البخاري ومسلم، والموضوع اليوم كلمات يقولهن صلى الله عليه وسلم إذا استيقظ من الليل.
(( حَدَّثَنِي عُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ تَعَارَّ مِنَ اللَّيْلِ فَقَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاللَّهُ أَكْبَرُ وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ ثُمَّ قَالَ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي أَوْ دَعَا اسْتُجِيبَ لَهُ فَإِنْ تَوَضَّأَ وَصَلَّى قُبِلَتْ صَلَاتُهُ ))
(صحيح البخاري)
أناس كثيرون ينامون لا يستيقظون، لي صديق آوى إلى فراشه مساء، وزوجته في السرير، في منتصف الليل مسّت يده فإذا هي باردة جداً، فاستيقظت مذعورة فإذا هو ميت !
أخ آخر يصلي الفجر في المسجد، ومن عادته أن يصلي الفجر ويعود إلى البيت، فوضع طعام الإفطار وقالت الأم لابنها: أيقظ أباك ليأكل فرآه ميتاً!
فالنبي الكريم عودنا ندعو قبل أن ننام لعل هذا الدعاء آخر عهدنا بالدعاء لنا في الدنيا، وعودنا إذا استيقظنا أن ندعو دعاء لعل هذا آخر استيقاظ لنا فكان عليه الصلاة والسلام من أدعيته الرائعة أنه إذا استيقظ من الليل يقول: الحمد لله الذي أردّ إليّ روحي، لأن النوم موت مؤقت، والموت نوم دائم الله يتوفى الأنفس حين موتها، والتي لم تمت في منامها، فأنت في الليل ميت موت مؤقتاً، فالميت قد لا يستيقظ، فلذلك كان يقول عليه الصلاة والسلام.
استيقظ سار حركة سليمة رأى بعينه الطريق تحرك توضأ والحمد لله الذي عافاني في بدني، والثالثة هناك من يأتي إلى البيت بعد الفجر من الملهى وهناك من يستيقظ مع الفجر ليصلي، فشتان بين من يأتي بعد الفجر.
إنسانة كانت تعمل في الفن في مصر بعد أن تابت وتحجبت تقسم بالله أنها استيقظت على صلاة الفجر أول مرة في حياتها ! بعد أن كانت تأتي إلى بيتها كل يوم بعد الفجر ! علمنا النبي إذا استيقظنا أن ندعو بهذا الدعاء:
(( عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِي اللَّهم عَنْهم أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِذَا قَامَ أَحَدُكُمْ عَنْ فِرَاشِهِ ثُمَّ رَجَعَ إِلَيْهِ فَلْيَنْفُضْهُ بِصَنِفَةِ إِزَارِهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فَإِنَّهُ لَا يَدْرِي مَا خَلَفَهُ عَلَيْهِ بَعْدُ فَإِذَا اضْطَجَعَ فَلْيَقُلْ بِاسْمِكَ رَبِّي وَضَعْتُ جَنْبِي وَبِكَ أَرْفَعُهُ فَإِنْ أَمْسَكْتَ نَفْسِي فَارْحَمْهَا وَإِنْ أَرْسَلْتَهَا فَاحْفَظْهَا بِمَا تَحْفَظُ بِهِ عِبَادَكَ الصَّالِحِينَ فَإِذَا اسْتَيْقَظَ فَلْيَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي عَافَانِي فِي جَسَدِي وَرَدَّ عَلَيَّ رُوحِي وَأَذِنَ لِي بِذِكْرِهِ ))
(سنن الترمذي)
أي سمح لي أن أذكره.
الحسد نوعان: حسد مذموم وحسد مقدس، يعبر عنه بالغبطة أنت حينما ترى إنساناً سبقك في الآخرة في طاعته لله في بذل ماله في دعوته في ورعه في قرآنه الذي حفظه تتألم وتتمنى أن تكون مكانه، فهذا حسد جيد، سماه العلماء غبطة، أما الشيء الذي يسحق الإنسان به هو الحسد السيء.
الحسد السيء أيها الأخوة: له ثلاث مراتب أول مرتبة أن تتمنى زوال النعمة عن أخيك للتحول إليك، هذا نوع يوجد الأسوأ: أن تتمنى زوال النعمة عن أخيك دون أن تتحول إليك ! فقط تتمنى له الأذى، الأولى فيها هدف نفعي، أما الثانية أذى فقط، أما الثالث والعياذ بالله أن تكتب تقرير، أن تكتب كتاب من أجل أن تهلكه.
ثلاثة أنواع للحسد المذموم، أما إذا حسدت حافظ كتاب الله، أو حسدت محسناً، أو حسدت داعياً، فهذا حسد محمود هو الغبطة، فالنبي قال ويقصد الغبطة:
(( عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا حَسَدَ إِلَّا فِي اثْنَتَيْنِ رَجُلٌ آتَاهُ اللَّهُ الْقُرْآنَ فَهُوَ يَتْلُوهُ آنَاءَ اللَّيْلِ وَآنَاءَ النَّهَارِ وَرَجُلٌ آتَاهُ اللَّهُ مَالًا فَهُوَ يُنْفِقُهُ آنَاءَ اللَّيْلِ وَآنَاءَ النَّهَارِ ))
(صحيح البخاري)
آتاه الله القرآن إما تلاوة، يعلم تجويد بارك الله، أو فهماً يعلم تفسير، أو قراءة يعلم القراءة، من أي جانب تناولت هذا الكتاب فأنت أسعد الناس لأنه كلام الله المنزل على عبده المتعبَّد بتلاوته، المعجز في نظمه، معجز يتعبد بتلاوته منزل على عبده.
(( عَنْ جَابِرٍ قَالَ سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ إِنَّ فِي اللَّيْلِ لَسَاعَةً لَا يُوَافِقُهَا رَجُلٌ مُسْلِمٌ يَسْأَلُ اللَّهَ خَيْرًا مِنْ أَمْرِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ إِلَّا أَعْطَاهُ إِيَّاهُ وَذَلِكَ كُلَّ لَيْلَةٍ ))
(صحيح مسلم)
يوجد ساعة بالليل فإذا وافق قيام ليلك هذه الساعة ما من سؤال تسأله إلا أعطيته في الدنيا أو في الآخرة.
(( عَنْ عَائِشَةَ رَضِي اللَّهم عَنْهَا أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُومُ مِنَ اللَّيْلِ حَتَّى تَتَفَطَّرَ قَدَمَاهُ فَقَالَتْ عَائِشَةُ لِمَ تَصْنَعُ هَذَا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَقَدْ غَفَرَ اللَّهُ لَكَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ قَالَ أَفَلَا أُحِبُّ أَنْ أَكُونَ عَبْدًا شَكُورًا فَلَمَّا كَثُرَ لَحْمُهُ صَلَّى جَالِسًا فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَرْكَعَ قَامَ فَقَرَأَ ثُمَّ رَكَعَ ))
(صحيح البخاري)
عامة المؤمنين إذا صلى يوماً قيام ليل لم يعد يصلي ولا بشهران ! يقول: صلينا البارحة قيام الليل، يطبّل الدنيا، وإذا صام يوم الخامس عشر من شعبان كلما رأى رجل يسأله: ألست صائماً اليوم ؟ جيد أنت صائم اشكر الله، يريد أن يحاسب كل إنسان على صيام ليس ثابتاً أساساً، لكن التقصير الشديد يعوض عنه بصيام المناسبات، تجد أشد النساء تفلتاً سافرة بكل زينتها تحافظ على صيام السابع والعشرين من رجب، معها ثياب الصلاة تقوم وتصلي وتضعهم بالمحفظة وهي اليوم صائمة ! أنا لا أذم الصيام، هذا صيام نفل جيد، لكن أذم السلوك العجيب، أمور الدين الأساسية تتركها، وتتبع أشياء ليست ثابتة في الدين أساساً أو نافلة.
(( حَدَّثَنَا مِسْعَرٌ عَنْ زِيَادٍ قَالَ سَمِعْتُ الْمُغِيرَةَ رَضِي اللَّهم عَنْهم يَقُولُ إِنْ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيَقُومُ لِيُصَلِّيَ حَتَّى تَرِمُ قَدَمَاهُ أَوْ سَاقَاهُ فَيُقَالُ لَهُ فَيَقُولُ أَفَلَا أَكُونُ عَبْدًا شَكُورًا ))